ما كانش لازم يحلف عرابى..!"2"

الجزء الثانى:للحرية ثمن و للتغيير شرط‎

إنتبهت على صوت صاحبى ‏‏"باصص للنص الفاضى‏" و هو لا يزال يردد :

"ماكانش لازم يحلف عرابى" ،بدا لى أن هذا صوت أنينه و لكل منا أنينه _إنت لسه بترددها؟!.. سألته لأخفف عنه ، نظر لى و عيناه بئرا أسى.. ثم قال:"ماكانش لازم يحلف عرابى "

قلت له و قد مللت ترديده للكلمة : رب كلمة تقول لصاحبها دعنى يا أخى.. هون عليك .. كل شئ بقدر و حسبنا أنا فعلنا ما علينا ..فلقد أضربنا مع من أضرب و تظاهرنا مع من تظاهر .. فالآن لا عليك و لا علينا ‏..

نظر لى نظرة حادة ..بدا متحفزا ثم قال :نعم أضربنا و كنت أخلصكم و تظاهرنا و كنت أولكم _ولكن_ أكان هدا كاف؟؟..

***

... و إن كانت الإضرابات وسائل تعبير أكثر منها أى شئ أخر.. فهل يكفى التعبير عن الألم.. دون البحث له عن دواء؟ و هل يكفى التأوه دون السعى لعلاج؟ ‏

-لكنك تغالط هنا يا "باصص" فالإضرابات و المظاهرات ليست وسائل تعبير فحسب .. بل وسائل ضغط أيضا

- فليكن .. و لكن .. لا ينبغى أن يغيب عنا أن للحرية ثمن و للتغيير شرط

***

-أما الحرية فهى ليست مطلبا فى ذاتها ‏..‏ بل ممارسة و قد صدق الشاعر إذ قال:

"لاتطلبى حرية أيتها الرعية

لا تطلبى حرية

بل.. مارسى الحرية

ما كانت الحرية اختراعه

أو إرث من خلفه

لكى يضمها إلى أملاكه الشخصيه" ‏..

غير أن هذه الحرية عزيزه .. لا تنزل إلا عند من يضحى من أجلها .. و كأنها تقتات على أرواح من يضحون لأجلها ‏.. و يكأن دماهم هى شرابها المفضل و ما أبهظه من ثمن.. و قد أصاب الشاعر حين قال :

وللحرية الحمراء باب .. بكل يد مضرجة يدق (يودق)

***

قلت له ‏:‏ - هذا عن الحرية يا باصص ‏..‏ فماذا عن التغيير؟

قال:أما التغيير فله شرط.. أنظر معى قوله تعالى .."إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

- صدق الله العظيم.. قلتها و قد بدأت أفهم مقصده.. ثم تابع يقول..

- وكما تكونوا يول عليكم .. أتذكر ذلك الشعر الذى سطرناه سويا حينها ؟

- طبعا.. لا أنساه ‏.

ذهبت عينى فى الأفق و أخذت أردد و هو يردد معى ..

ولا تلقوا على الحكام لوما ..‏ فوالى الشعب من جنس الشعوب

و قوموا نعلن الإيمان فينا ..‏ و قوموا نحى بالدين القلوب

و قوموا نعلن الحرب علينا ‏..‏ جهاد النفس أقسى من حروب

- فتغيير النفس هو أول السبيل للتغيير .. و لا سبيل للتغيير إلا بتغيير أنفسنا.

- قلت له مستوضحا:لكننا تغيرنا يا باصص بالفعل .. فكلنا نرفض التوريث ‏..بل و تأباه أنفسنا ..أليس هذا تغييرا بأنفسنا؟

- فأبتسم لى و قال: بلى،أفلح إن صدق.

و كأنه قد لاحظ عدم فهمى لما قال فأنشأ يقول: خالك مثلا .. الأستاذ الجامعى.. تعرفه و تعرف أبناءه الخمسه و قد تم تعيينهم جميعا بنفس الكلية و نفس الجامعه التى يدرس بها خالك .. واثنين منهم بنفس القسم .. و أنت تعلم ما نعلم من مستواهم الدراسى .. و تذكر كما نذكر أن أحدهم خرج بعامه الأول و معه مادتين لم ينجح بهما ‏..فتمت إعادة تصحيح لأوراقه و حصل بقدرة قادر على الإمتياز بنفس المادتين

- نعم حصل

- خالك هذا قد تظاهر معنا و هتف معنا و بحرقه ضد التوريث . فهل هذا أهل لأن يغير الله على يديه؟..

لم أجبه ، و أخذت أتذكر أن تلك الحرقه التى كان يتكلم بها خالى عن رفضه للتوريث رفضا باتا.. صدقت و الله يا باصص

- جوز خالتك.. سائق القطار..ألم يعين أبناءه الثلاثه ف السكة الحديد و 2 منهم كسائقى قطار؟؟

- نعم حصل..

- وكان قد أضرب و تظاهر معنا أيضا

- و جوز عمتك.. ألم يعين قرابة ال150 شخص من أقاربه بالشركة الحكوميه التى هو مدير إدارتها.. رغم تقدم الآلاف ممن هم أجدر منهم بهذه الوظائف؟؟

- بلى .. حصل

- و جوز عمتك هذا أليس هو من قال فى حديثنا بعد أخر إضراب : "لو كان التوريث رجلا لقتلته أو عاملا لطردته" ؟؟ ههههه ضحكت حين ذكرنى بكلمته هذه.. و شر البلية ما يضحك. أتراه

-إن أصبح هو نفسه رئيسا للجمهورية..أتراه سيرعوى عن توطين جميع أقرباءه و دوائر معارفه بمراتع الوزارات و دوائر المحافظات.

..هززت رأسى موافقا إياه تماما. . فأشار لى و قال: و أنت أيضا .. صدمنى و قلت فى نفسى :أنا؟؟ ..هيقول إيه المجنون ده ؟؟

- لنقل إنك وكيل وزارة

-كيف؟ أنت تعلم أنى لا أجد عملا أصلا

- مجرد فرض جدلى.. وكيل وزارة.. عندك وظيفة واحدة فارغة تقدم إليها ‏1000 شاب ..و من بينهم إبن أختك العاطل بلا عمل و بالتالى بلا حياة و الذى أوصتك عليه أمه التى هى أختك و التى _إن لم توظف إبنها_ ستظل تذكرها و تشير عليك و تقول: هذا الذى كان بيده توظيف ابن أخته و لم يفعل ... أكنت تاركه فى هذه الحاله؟.. توظف حد غيره؟؟.. حتى و إن كان ليس الأجدر بالوظيفة؟؟

صدمنى سؤاله هذا و أحرجنى و لم يمهلنى حتى أجيب .. ربما أراد رفع الحرج عنى .. فقال:ننادى بالتغيير و لا نغير أنفسنا .. !!.. فصدق فينا قول الشاعر:

لا تنه عن شئ و تأتى مثله .. عار عليك إذا فعلت كبير..

يا سيدى صدق من قال: إذا الشعب يوما أراد.. أراد.. أراد الحياة _فلابد.. لابد أن يستجيب القدر

-صدقت و صدق شاعرك يا باصص .. ولكن هل لى بسؤال؟ هل تعنى بقولك هذا أن التغيير لن يتم؟؟

-التغيير الحقيقى لا يأتى إلا بتغيير أنفسنا

-وماذا تعنى بالتغيير الحقيقى؟

- أعنى أنه لو حدث تغيير دون أن تتغير أنفسنا فهو تغيير ظاهرى فقط.. فيتغير الأشخاص دون تغير نظام الحكم و وسائله.. فيكون حسن زى حسين و حسنى زى حسنين..و كأنك يا أبو زيد ما غزيت .. و من شابه أباه فما ظلم

***

-و الأن يا باصص و قد حصل ما حصل و وصل للحكم من أردنا ألا يصل و جاء جمال بعد أبيه مبارك ..فماذا أنت فاعل؟قال لى و الأمل يلوح بعينيه: _سأسعى جاهدا و من الغد لمنع هيثم جمال مبارك من الوصول للحكم و إرث مصر.

***

و لا تلقوا على الحكام لوما .. فوالى الشعب من جنس الشعوب

و قوموا نعلن الإيمان فينا .. و قوموا نحى بالدين القلوب

و قوموا نعلن الحرب علينا ‏..‏ جهاد النفس أقسى من حروب..

مما أسميه شعرى ..سنة2002 .. ‏